بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين..
وبعد..
في هذه الأيام يعاني العالم في مشارق الأرض ومغاربها من وباء داهم الناس على غير موعد ، أطلق عليه الباحثون والمتخصصون فيروس “كورونا، فأثار مخاوف عالمية، خصوصا بعد كثرة الوفيات في كثير من بلدان العالم، الأمر الذي دفع بعض الدول إلى اتخاذ إجراءات احترازية حياله حفاظا على الحياة الآدمية ، والمجلس يقدم رؤية شرعية حول الإجراءات الاحترازية التي تقلل من خطورة هذا الفيروس، وتحد من انتشاره – سائلين الله تعالى أن ينقذ الإنسانية منه، ويهيء لها السلامة والأمن والأمان.
أولاً: إن من عناية الإسلام بصحة الإنسان أن وَضَعَ لها الوسائلَ الوقائية، والأساليبَ العلاجية، للمحافظةِ عليها، وتَوَقِّي الإصابة بالأمراضِ قبل حدوثِها، فالنظافةُ في الإسلام عبادة وقُرْبَة، بل فريضة من الفرائض، فلا تصح الصلاةِ إلا بالطهارةِ ونظافةِ الثوب والبدن والمكان، والأعضاء التي يتكرر غسلها في اليوم خمس مرات بحد أدني هى تلك التي تتعرض للتلوث والميكروبات كاليدين والوجه.
ثانياً: حرص الإسلام على إعطائنا الأوامر والتعاليم الطبية الوقائية التي تؤدي إلى ما نسميه (بالمجتمع الصحي). وقد تناولت تعاليم الإسلام الصحية جميع أبواب الطب الوقائي وفروعها، منها:
أوامر لمنع الأمراض المعدية شملت الحجر الصحي، عزل المريض، عدم الدخول على الوباء، عدم الفرار منه، الاستعانة بالطب والدواء، والتطعيم في الوقاية والعلاج، فجاءت الآيات والأحاديث تؤصل لكثيرٍ من الجزئيات التي تمثِّل هذه الأصول الطبية ومنها:
ومن هنا يهيب المجلس بالمسلمين وكل من يبلغه هذا البيان الأخذ بالحيطة وجميع الإجراءات الاحترازية، والاستماع إلى إرشادات المسؤولين على جميع المستويات من مسؤولي الصحة والمناشط والتجمعات والمراكز والهيئات في كل قطر .
كما يدعو المجلس أئمة المساجد والقائمين عليها إلى اتخاذ كل سبيل يمنع انتشار الوباء، والمساهمة في رفع الوعي، وتجنب نشر الشائعات المخوفة للناس، وإذا اقتضى الأمر عدم إقامة الصلوات جماعة، وكذلك الجُمعات، وإغلاق ساحات الاجتماعات، وتعطيل المدارس والمعاهد والجامعات، وما إلى ذلك من إجراءات احترازية، فإن الإسلام يجيز ذلك؛ خاصة وقد اتفق الفقهاء على أن من الأعذار المسقطة لوجوب صلاة الجمعة وحضور الجماعات المرض أو الخوف على النفس أو الأهل، والله يقول في محكم الآيات “فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ” التغابن /16. وقال تعالى: ” يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ” البقرة/ 185، وقال سبحانه: “وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ ” الحج/ 78.
وإذا كان الفقهاء قد جوزوا التخلف عن الجمع والجماعات لأجل المطر الذي يحمل على تغطية الرؤس فقد ورد عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ “أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ : إِذَا قُلْتَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَلَا تَقُلْ : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، قُلْ : صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ ، قَالَ : فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَاكَ فَقَالَ : أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا ، قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ“. متفق عليه، فمن باب أولي إذا غلب الظن بوقوع الضرر ونشر المرض، وقد اشترط الفقهاء لوجوب صلاة الجمعة: صحة البدن وخلوه مما يشق معه -عادة- الخروج لشهود الجمعة في المسجد، كمرض وألم شديدين.
سائلين الله تعالى الشفاء العاجل للمصابين ، وكشف الكرب عن الناس أجمعين
والحمد لله رب العالمين
08 رجب 1441هـ الموافق 02/03/ 2020م